قوله تعالى : بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون
قوله تعالى : بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل بل إضراب عن تمنيهم وادعائهم الإيمان لو ردوا واختلفوا في معنى بدا لهم على أقوال بعد تعيين من المراد ; فقيل : المراد المنافقون لأن اسم الكفر مشتمل عليهم ، فعاد الضمير على بعض المذكورين ; قال النحاس : وهذا من الكلام العذب الفصيح . وقيل : المراد الكفار وكانوا إذا وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يفطن بهم ضعفاؤهم ، فيظهر يوم القيامة ; ولهذا قال الحسن : بدا لهم أي : بدا لبعضهم ما كان يخفيه عن بعض . وقيل : بل ظهر لهم ما كانوا يجحدونه من الشرك فيقولون : والله ربنا ما كنا مشركين فينطق الله جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر فذلك حين بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل . قال أبو روق . وقيل : بدا لهم ما كانوا يكتمونه من الكفر ; أي : بدت أعمالهم السيئة كما قال : وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون . قال المبرد : بدا لهم جزاء كفرهم الذي كانوا يخفونه . وقيل : المعنى بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والقيامة ; لأن بعده وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين .
قوله تعالى : ولو ردوا قيل : بعد معاينة العذاب . وقيل : قبل معاينته . لعادوا لما نهوا عنه أي : لصاروا ورجعوا إلى ما نهوا عنه من الشرك لعلم الله تعالى فيهم أنهم لا يؤمنون ، وقد عاين إبليس ما عاين من آيات الله ثم عاند . قوله تعالى : ( وإنهم لكاذبون ) إخبار عنهم ، وحكاية عن الحال التي كانوا عليها في الدنيا من تكذيبهم الرسل ، وإنكارهم البعث ; كما قال : وإن ربك ليحكم بينهم فجعله حكاية عن الحال الآتية . وقيل : المعنى وإنهم لكاذبون فيما أخبروا به عن أنفسهم من أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين . وقرأ يحيى بن وثاب ( ولو ردوا ) بكسر الراء ; لأن الأصل رددوا فنقلت كسرة الدال على الراء .