تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الفرقان الأية 33


سورة Sura   الفرقان   Al-Furqaan
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ۖ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ۖ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ۚ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40) وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا ۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)
الصفحة Page 363
وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)

ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا يقول : لو أنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عندك ما تجيب به ، ولكن نمسك عليك فإذا سألوك أجبت . قال النحاس : وكان ذلك من علامات النبوة ، لأنهم لا يسألون عن شيء إلا أجيبوا عنه ، وهذا لا يكون إلا من نبي ، فكان ذلك تثبيتا لفؤاده وأفئدتهم ، ويدل على هذا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل عليهم ، وعلم الله عز وجل أن الصلاح في إنزاله متفرقا ، لأنهم ينبهون به مرة بعد مرة ، ولو نزل جملة واحدة لزال معنى التنبيه . وفيه ناسخ ومنسوخ ، فكانوا يتعبدون بالشيء إلى وقت بعينه قد علم الله عز وجل فيه الصلاح ، ثم ينزل النسخ بعد ذلك ; فمحال أن ينزل جملة واحدة : افعلوا كذا ولا تفعلوا . قال النحاس : والأولى أن يكون التمام جملة واحدة لأنه إذا وقف على كذلك صار المعنى : كالتوراة والإنجيل والزبور ولم يتقدم لها ذكر . قال الضحاك : وأحسن تفسيرا أي تفصيلا . والمعنى : أحسن من مثلهم تفصيلا ; فحذف لعلم السامع . وقيل : كان المشركون يستمدون من أهل الكتاب وكان قد غلب على أهل الكتاب التحريف والتبديل ، فكان ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم أحسن تفسيرا مما عندهم ; لأنهم كانوا يخلطون الحق بالباطل ، والحق المحض أحسن من حق مختلط بباطل ، ولهذا قال تعالى : ولا تلبسوا الحق بالباطل . وقيل : ولا يأتونك بمثل كقولهم في صفة عيسى إنه خلق من غير أب إلا جئناك بالحق أي بما فيه نقض حجتهم كآدم إذ خلق من غير أب وأم .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022