قوله تعالى : وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين . قوله تعالى : " وآية لهم " يحتمل ثلاثة معان : أحدها : عبرة لهم ; لأن في الآيات اعتبارا . الثاني : نعمة عليهم ; لأن في الآيات إنعاما . الثالث : إنذار لهم ; لأن في الآيات إنذارا . أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون من أشكل ما في السورة ; لأنهم هم المحمولون . فقيل : المعنى وآية لأهل مكة أنا حملنا ذرية القرون الماضية في الفلك المشحون . فالضميران مختلفان ; ذكره المهدوي . وحكاه النحاس عن علي بن سليمان أنه سمعه يقول . وقيل : الضميران جميعا لأهل مكة على أن يكون ذرياتهم أولادهم وضعفاءهم ; فالفلك على القول الأول سفينة نوح . وعلى الثاني يكون اسما للجنس ; خبر - جل وعز - بلطفه وامتنانه أنه خلق السفن يحمل فيها من يصعب عليه المشي والركوب من الذرية والضعفاء ، فيكون الضميران على هذا متفقين . وقيل : الذرية الآباء والأجداد ، حملهم الله تعالى في سفينة نوح عليه السلام ; فالآباء ذرية والأبناء ذرية ; بدليل هذه الآية ; قاله أبو عثمان . وسمي الآباء ذرية ; لأن منهم ذرأ الأبناء . وقول رابع : أن الذرية النطف ، حملها الله تعالى في بطون النساء تشبيها بالفلك المشحون ; قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه ; ذكره الماوردي . وقد مضى في [ البقرة ] اشتقاق الذرية والكلام فيها مستوفى . و " المشحون " المملوء الموقر ، و " الفلك " يكون واحدا وجمعا . وقد تقدم في [ يونس ] القول فيه .