تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الإسراء الأية 76


سورة Sura   الإسراء   Al-Israa
وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا (84) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86)
الصفحة Page 290
وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)

قوله تعالى : وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا هذه الآية قيل إنها مدنية ; حسبما تقدم في أول السورة . قال ابن عباس : حسدت اليهود مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فقالوا : إن الأنبياء إنما بعثوا بالشام ، فإن كنت نبيا فالحق بها ; فإنك إن خرجت إليها صدقناك وآمنا بك ; فوقع ذلك في قلبه لما يحب من إسلامهم ، فرحل من المدينة على مرحلة فأنزل الله هذه الآية . وقال عبد الرحمن بن غنم : غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك لا يريد إلا الشام ، فلما نزل تبوك نزل وإن كادوا ليستفزونك من الأرض بعد ما ختمت السورة ، وأمر بالرجوع . وقيل : إنها مكية . قال مجاهد وقتادة : نزلت في هم أهل مكة بإخراجه ، ولو أخرجوه لما أمهلوا ولكن الله أمره بالهجرة فخرج ، وهذا أصح ; لأن السورة مكية ، ولأن ما قبلها خبر عن أهل مكة ، ولم يجر لليهود ذكر . وقوله : من الأرض يريد أرض مكة . كقوله : فلن أبرح الأرض أي أرض مصر ; دليله وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك يعني مكة . معناه : هم أهلها بإخراجه ; فلهذا أضاف إليها وقال أخرجتك . وقيل : هم الكفار كلهم أن يستخفوه من أرض العرب بتظاهرهم عليه فمنعه الله .

ولو أخرجوه من أرض العرب لم يمهلوا .

وإذا لا يلبثون خلافك وقرأ عطاء بن أبي رباح " لا يلبثون " الباء مشددة . " خلفك " نافع وابن كثير وأبو بكر وأبو عمرو ، ومعناه بعدك . وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي خلافك واختاره أبو حاتم ، اعتبارا بقوله : فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله ومعناه أيضا بعدك ; قال الشاعر :

عفت الديار خلافهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا

بسط البواسط ; في الماوردي . يقال : شطبت المرأة الجريد إذا شقته لتعمل منه الحصر . قال أبو عبيد ثم تلقيه الشاطبة إلى المنقية . وقيل : " خلفك " بمعنى بعدك . وخلافك بمعنى مخالفتك ; ذكره ابن الأنباري .

إلا قليلا فيه وجهان : أحدهما - أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم له إلى قتلهم يوم بدر ; وهذا قول من ذكر أنهم قريش . الثاني - ما بين ذلك وقتل بني قريظة وجلاء بني النضير ; وهذا قول من ذكر أنهم اليهود .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022