تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  فاطر الأية 12


سورة Sura   فاطر   Faatir
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13) إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) ۞ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)
الصفحة Page 436
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)

قوله تعالى : وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون .

قوله تعالى : وما يستوي البحران هذا عذب فرات فيه أربع مسائل :

الأولى : قال ابن عباس : فرات حلو ، وأجاج مر . وقرأ طلحة : ( هذا ملح أجاج ) بفتح الميم وكسر اللام بغير ألف . وأما المالح فهو الذي يجعل فيه الملح . وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق ( سيغ شرابه ) مثل سيد وميت . ومن كل تأكلون لحما طريا لا اختلاف في أنه منهما جميعا . وقد مضى في ( النحل ) الكلام فيه .

الثانية : قوله تعالى : وتستخرجون حلية تلبسونها مذهب أبي إسحاق أن الحلية إنما تستخرج من الملح ، فقيل منهما لأنهما مختلطان . وقال غيره : إنما تستخرج الأصداف التي فيها الحلية من الدر وغيره من المواضع التي فيها العذب والملح نحو العيون ، فهو مأخوذ منهما ; لأن في البحر عيونا عذبة ، وبينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج . وقيل : من مطر السماء . وقال محمد بن يزيد قولا رابعا ، قال : إنما تستخرج الحلية من الملح خاصة . النحاس : وهذا أحسنها وليس هذا عنده ، لأنهما مختلطان ، ولكن جمعا ، ثم أخبر عن أحدهما كما قال جل وعز : ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله . وكما تقول : لو رأيت الحسن والحجاج لرأيت خيرا وشرا . وكما تقول : لو رأيت الأعمش وسيبويه لملأت يدك لغة ونحوا . فقد عرف معنى هذا ، وهو كلام فصيح كثير ، فكذا : ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها فاجتمعا في الأول وانفرد الملح بالثاني .

الثالثة : وفي قول : ( تلبسونها ) ، دليل على أن لباس كل شيء بحسبه ; فالخاتم يجعل في الإصبع ، والسوار في الذراع ، والقلادة في العنق ، والخلخال في الرجل . وفي البخاري والنسائي عن ابن سيرين قال قلت لعبيدة : افتراش الحرير كلبسه ؟ قال نعم . وفي ، الصحاح عن أنس فقمت على حصير لنا قد اسود من طول ما لبس . الحديث .

الرابعة : قوله تعالى : وترى الفلك فيه مواخر قال النحاس : أي ماء الملح خاصة ، ولولا ذلك لقال فيهما . وقد مخرت السفينة تمخر إذا شقت الماء . وقد مضى هذا في ( النحل ) .

لتبتغوا من فضله قال مجاهد : التجارة في الفلك إلى البلدان البعيدة : في مدة قريبة ; كما تقدم في ( البقرة ) . وقيل : ما يستخرج من حليته ويصاد من حيتانه . ولعلكم تشكرون على ما آتاكم من فضله . وقيل : على ما أنجاكم من هوله .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022