قوله تعالى : الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف قوله تعالى : الذي أطعمهم من جوع أي بعد جوع . وآمنهم من خوف قال ابن عباس : وذلك بدعوة إبراهيم - عليه السلام - حيث قال : رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات . وقال ابن زيد : كانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويسبي بعضها من بعض ، فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم - وقرأ - أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء . وقيل : شق عليهم السفر في الشتاء والصيف ، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاما في السفن ، فحملوه ; فخافت قريش منهم ، وظنوا أنهم قدموا لحربهم ، فخرجوا إليهم متحرزين ، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام ، وأغاثوهم بالأقوات ; فكان أهل مكة يخرجون إلى جدة بالإبل والحمر ، فيشترون الطعام ، على مسيرة ليلتين . وقيل : هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليهم ، فقال : اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف فاشتد القحط ، فقالوا : يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون . فدعا فأخصبت تبالة وجرش من بلاد اليمن ; فحملوا الطعام إلى مكة ، وأخصب أهلها . وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان : وآمنهم من خوف أي من خوف الجذام ، لا يصيبهم ببلدهم الجذام . وقال الأعمش : وآمنهم من خوف أي من خوف الحبشة مع الفيل . وقال علي - رضي الله عنه - : وآمنهم من خوف أن تكون الخلافة إلا فيهم . وقيل : أي كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك . فالله أعلم ، واللفظ يعم .