قوله تعالى : جنات عدن يدخلونها أي لهم جنات عدن ; ف " جنات عدن " بدل من عقبى ويجوز أن تكون تفسيرا ل " عقبى الدار " أي لهم دخول جنات عدن ; لأن عقبى الدار حدث و " جنات عدن " عين ، والحدث إنما يفسر بحدث مثله ; فالمصدر المحذوف مضاف إلى المفعول . ويجوز أن يكون " جنات عدن " خبر ابتداء محذوف . و " جنات عدن " وسط الجنة وقصبتها ، وسقفها عرش الرحمن ; قاله القشيري أبو نصر عبد الملك . وفي صحيح البخاري : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة فيحتمل أن يكون " جنات " كذلك إن صح فذلك خبر . وقال عبد الله بن عمرو : إن في الجنة قصرا يقال له عدن ، حوله البروج والمروج ; فيه ألف باب ، على كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد . وعدن مأخوذ من عدن بالمكان إذا أقام فيه ; على ما يأتي بيانه في سورة " الكهف " إن شاء الله تعالى .
ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم يجوز أن يكون معطوفا على أولئك المعنى : أولئك ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لهم عقبى الدار . ويجوز أن يكون معطوفا على الضمير المرفوع في " يدخلونها " وحسن العطف لما حال الضمير المنصوب بينهما . ويجوز أن يكون المعنى : يدخلونها ويدخلها من صلح من آبائهم ، أي من كان صالحا ، لا يدخلونها بالأنساب . ويجوز أن يكون موضع " من " نصبا على تقدير : يدخلونها مع من صلح من آبائهم ، وإن لم يعمل مثل أعمالهم يلحقه الله بهم كرامة لهم . وقال ابن عباس : هذا الصلاح الإيمان بالله والرسول ، ولو كان لهم مع الإيمان طاعات أخرى لدخلوها بطاعتهم لا على وجه التبعية . قال القشيري : وفي هذا نظر ; لأنه لا بد من الإيمان ، فالقول في اشتراط العمل الصالح كالقول في اشتراط الإيمان . فالأظهر أن هذا الصلاح في جملة الأعمال ، والمعنى : أن النعمة غدا تتم عليهم بأن جعلهم مجتمعين مع قرابتهم في الجنة ، وإن دخلها كل إنسان بعمل نفسه ; بل برحمة الله تعالى .
قوله تعالى : والملائكة يدخلون عليهم من كل باب أي بالتحف والهدايا من عند الله تكرمة لهم .