قوله تعالى : الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب .
قوله تعالى : الله الذي أنزل الكتاب يعني القرآن وسائر الكتب المنزلة . ( بالحق ) أي : بالصدق . والميزان أي : العدل ، قاله ابن عباس وأكثر المفسرين . والعدل يسمى ميزانا ; لأن الميزان آلة الإنصاف والعدل . وقيل : الميزان ما بين في الكتب مما يجب على الإنسان أن يعمل به . وقال قتادة : الميزان العدل فيما أمر به ونهى عنه . وهذه الأقوال متقاربة المعنى . وقيل : هو الجزاء على الطاعة بالثواب وعلى المعصية بالعقاب . وقيل : إنه الميزان نفسه الذي يوزن به ، أنزله من السماء وعلم العباد الوزن به ، لئلا يكون بينهم تظالم وتباخس ، قال الله تعالى : لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط . قال مجاهد : هو الذي يوزن به . ومعنى أنزل الميزان ، هو إلهامه للخلق أن يعلموه ويعملوا به . وقيل : الميزان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقضي بينكم بكتاب الله . وما يدريك لعل الساعة قريب فلم يخبره بها . يحضه على العمل بالكتاب والعدل والسوية ، والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئ اليوم الذي يكون فيه المحاسبة ووزن الأعمال ، فيوفي لمن أوفى ويطفف لمن طفف . ف لعل الساعة قريب أي : منك وأنت لا تدري . وقال : ( قريب ) ولم يقل قريبة ; لأن تأنيثها غير حقيقي لأنها كالوقت ؛ قاله الزجاج . والمعنى : لعل البعث أو لعل مجيء الساعة قريب . وقال الكسائي : ( قريب ) نعت ينعت به المذكر والمؤنث والجمع بمعنى ولفظ واحد ، قال الله تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين قال الشاعر :
وكنا قريبا والديار بعيدة فلما وصلنا نصب أعينهم غبنا