قوله تعالى : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم .
قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب ، كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما عرفوا نعته عندهم ، قاله ابن جريج . وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هم المنافقون ، قعدوا عن القتال بعدما علموه في القرآن .
الشيطان سول لهم أي زين لهم خطاياهم ، قاله الحسن . وأملى لهم أي مد لهم الشيطان في الأمل ووعدهم طول العمر ، عن الحسن أيضا . وقال : إن الذي أملى لهم في الأمل ومد في آجالهم هو الله عز وجل ، قاله الفراء والمفضل . وقال الكلبي ومقاتل : إن معنى أملى لهم أمهلهم ، فعلى هذا يكون الله تعالى أملى لهم بالإمهال في عذابهم . وقرأ أبو عمرو وابن إسحاق وعيسى بن عمرو وأبو جعفر وشيبة ( وأملي لهم ) بضم الهمزة وكسر اللام وفتح الياء ، على ما لم يسم فاعله . وكذلك قرأ ابن هرمز ومجاهد والجحدري ويعقوب ، إلا أنهم سكنوا الياء على وجه الخبر من الله تعالى عن نفسه أنه يفعل ذلك بهم ، كأنه قال : وأنا أملي لهم . واختاره أبو حاتم ، قال : لأن فتح الهمزة يوهم أن الشيطان يملي لهم ، وليس كذلك ، فلهذا عدل إلى الضم . قال المهدوي : ومن قرأ وأملى لهم فالفاعل اسم الله تعالى . وقيل : الشيطان . واختار أبو عبيد قراءة العامة ، قال : لأن المعنى معلوم ، لقوله : لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه رد التسبيح على اسم الله ، والتوقير والتعزير على اسم الرسول .