تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الأعلى الأية 7


سورة Sura   الأعلى   Al-A'laa
الطارق At-Taariq
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
الأعلى Al-A'laa
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ (5) سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ (8) فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ (9) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ (13) قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ (15)
الصفحة Page 591
إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ (7)

ووجه الاستثناء على هذا ، ما قاله الفراء : إلا ما شاء الله ، وهو لم يشأ أن تنسى شيئا كقوله تعالى : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك . ولا يشاء . ويقال في الكلام : لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئت ، وإلا أن أشاء أن أمنعك ، والنية على ألا يمنعه شيئا . فعلى هذا مجاري الأيمان يستثنى فيها ونية الحالف التمام . وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس : فلم ينس بعد نزول هذه الآية حتى مات ، إلا ما شاء الله . وعن سعيد عن قتادة ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله . وعلى هذه الأقوال قيل : إلا ما شاء الله أن ينسى ، ولكنه لم ينس شيئا منه بعد نزول هذه الآية . وقيل : إلا ما شاء الله أن ينسى ، ثم يذكر بعد ذلك فإذا قد نسي ، ولكنه يتذكر ولا ينسى نسيانا كليا . وقد روي أنه أسقط آية في قراءته في الصلاة ، فحسب أبي أنها نسخت ، فسأله فقال : " إني نسيتها " . وقيل : هو من النسيان أي إلا ما شاء الله أن ينسيك . ثم قيل : هذا بمعنى النسخ أي إلا ما شاء الله أن ينسخه . والاستثناء نوع من النسخ . وقيل : النسيان بمعنى الترك أي يعصمك من أن تترك العمل به إلا ما شاء الله أن تتركه لنسخه إياه . فهذا في نسخ العمل ، والأول في نسخ القراءة . قال الفرغاني : كان يغشى مجلس الجنيد أهل البسط من العلوم ، وكان يغشاه ابن كيسان النحوي ، وكان رجلا جليلا فقال يوما : ما تقول يا أبا القاسم في قول الله تعالى : سنقرئك فلا تنسى ؟ فأجابه مسرعا - كأنه تقدم له السؤال قبل ذلك بأوقات : لا تنسى العمل به . فقال ابن كيسان : لا يفضض الله فاك مثلك من يصدر عن رأيه . وقوله فلا : للنفي لا للنهي . وقيل : للنهي وإنما أثبتت الياء ; لأن رءوس الآي على ذلك . والمعنى : لا تغفل عن قراءته وتكراره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة . والأول هو المختار ; لأن الاستثناء من النهي لا يكاد يكون إلا مؤقتا معلوما . وأيضا فإن الياء مثبتة في جميع المصاحف ، وعليها القراء . وقيل : معناه إلا ما شاء الله أن يؤخر إنزاله . وقيل : المعنى فجعله غثاء أحوى إلا ما شاء الله أن ينال بنو آدم والبهائم ، فإنه لا يصير كذلك .

قوله تعالى : إنه يعلم الجهر أي الإعلان من القول والعمل . وما يخفى من السر . وعن ابن عباس : ما في قلبك ونفسك . وقال محمد بن حاتم : يعلم إعلان الصدقة وإخفاءها . وقيل : الجهر ما حفظته من القرآن في صدرك . وما يخفى هو ما نسخ من صدرك .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022