قوله تعالى : فك رقبة فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : فك رقبة فكها : خلاصها من الأسر . وقيل : من الرق . وفي الحديث : [ وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ] . من حديث البراء ، وقد تقدم في سورة ( التوبة ) . والفك : هو حل القيد والرق قيد . وسمي المرقوق رقبة ; لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته . وسمي عتقها فكا كفك الأسير من الأسر . قال حسان :
كم من أسير فككناه بلا ثمن وجز ناصية كنا مواليها
وروى عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار قال الماوردي : ويحتمل ثانيا أنه أراد فك رقبته وخلاص نفسه ، باجتناب المعاصي ، وفعل الطاعات ولا يمتنع الخبر من هذا التأويل ، وهو أشبه بالصواب .
الثانية : قوله تعالى : رقبة قال أصبغ : الرقبة الكافرة ذات الثمن أفضل في العتق من الرقبة المؤمنة القليلة الثمن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل أي الرقاب أفضل ؟ قال : " أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها " .
ابن العربي : والمراد في هذا الحديث : من المسلمين بدليل قوله - عليه السلام - : من أعتق امرأ مسلما ومن أعتق رقبة مؤمنة . وما ذكره أصبغ وهلة وإنما نظر إلى تنقيص المال ، والنظر إلى تجريد المعتق للعبادة ، وتفريغه للتوحيد ، أولى .
الثالثة : العتق والصدقة من أفضل الأعمال . وعن أبي حنيفة : أن العتق أفضل من الصدقة . وعند صاحبيه الصدقة أفضل . والآية أدل على قول أبي حنيفة لتقديم العتق على الصدقة . وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة : أيضعه في ذي قرابة أو يعتق رقبة ؟ قال : الرقبة أفضل ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضوا من النار .