تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  النور الأية 17


سورة Sura   النور   An-Noor
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12) لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (20)
الصفحة Page 351
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17)

ثم وعظهم تعالى في العودة إلى مثل هذه الحالة . و أن مفعول من أجله ، بتقدير : كراهية أن ، ونحوه .

قوله تعالى : إن كنتم مؤمنين توقيف وتوكيد ؛ كما تقول : ينبغي لك أن تفعل كذا وكذا إن كنت رجلا .

قوله تعالى : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا يعني في عائشة ؛ لأن مثله لا يكون إلا نظير القول في المقول عنه بعينه ، أو فيمن كان في مرتبته من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لما في ذلك من إذاية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرضه وأهله ؛ وذلك كفر من فاعله .

قال هشام بن عمار سمعت مالكا يقول : من سب أبا بكر ، وعمر أدب ، ومن سب عائشة قتل لأن الله تعالى يقول : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين فمن سب عائشة فقد خالف القرآن ، ومن خالف القرآن قتل . قال ابن العربي : قال أصحاب الشافعي من سب عائشة - رضي الله عنها - أدب كما في سائر المؤمنين ، وليس قوله : إن كنتم مؤمنين في عائشة لأن ذلك كفر ، وإنما هو كما قال : عليه السلام - : لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه . ولو كان سلب الإيمان في سب من سب عائشة حقيقة لكان سلبه في قول : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن حقيقة . قلنا : ليس كما زعمتم ؛ فإن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة ، فبرأها الله تعالى فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله ، ومن كذب الله فهو كافر ؛ فهذا طريق قول مالك ، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر . ولو أن رجلا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022