قوله تعالى : فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون .
قوله تعالى فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا فيه قولان ; أحدهما : أنه من النسيان الذي لا ذكر معه ; أي لم يعملوا لهذا اليوم فكانوا بمنزلة الناسين . والآخر : أن نسيتم بما تركتم ، وكذا إنا نسيناكم . واحتج محمد بن يزيد بقوله تعالى : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي قال : والدليل على أنه بمعنى ترك أن الله عز وجل أخبر عن إبليس أنه قال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين فلو كان آدم ناسيا لكان قد ذكره . وأنشد [ النابغة الذبياني ] :
كأنه خارج من جنب صفحته سفود شرب نسوه عند مفتأد
أي تركوه . ولو كان من النسيان لكان قد عملوا به مرة . قال الضحاك : نسيتم أي تركتم أمري . يحيى بن سلام : أي تركتم الإيمان بالبعث في هذا اليوم . نسيناكم تركناكم من الخير ; قاله السدي . مجاهد : تركناكم في العذاب . وفي استئناف قوله : إنا نسيناكم وبناء الفعل على ( إن ) واسمها تشديد في الانتقام منهم . والمعنى : فذوقوا هذا ; أي ما أنتم فيه من نكس الرءوس والخزي والغم بسبب نسيان الله . أو ذوقوا العذاب المخلد ، وهو الدائم الذي لا انقطاع له في جهنم . وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس وإن لم يكن مطعوما ، لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم . قال عمر بن أبي ربيعة :
فذق هجرها إن كنت تزعم أنها فساد ألا يا ربما كذب الزعم
الجوهري : وذقت ما عند فلان ; أي خبرته . وذقت القوس إذا جذبت وترها لتنظر ما شدتها . وأذاقه الله وبال أمره . قال طفيل :
فذوقوا كما ذقنا غداة محجر من الغيظ في أكبادنا والتحوب
وتذوقته أي ذقته شيئا بعد شيء . وأمر مستذاق أي مجرب معلوم . قال الشاعر :
وعهد الغانيات كعهد قين ونت عنه الجعائل مستذاق
والذواق : الملول .