تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الطور الأية 48


سورة Sura   الطور   At-Tur
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَٰذَا ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ۚ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ۖ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ (40) أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ۖ فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)
الصفحة Page 525
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)

قوله تعالى : واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا فيه مسألتان :

الأولى : واصبر لحكم ربك قيل : لقضاء ربك فيما حملك من رسالته . وقيل : لبلائه فيما ابتلاك به من قومك ; ثم نسخ بآية السيف .

الثانية : قوله تعالى : فإنك بأعيننا أي بمرأى ومنظر منا نرى ونسمع ما تقول وتفعل . وقيل : بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك . والمعنى واحد . ومنه قوله تعالى لموسى عليه السلام : ولتصنع على عيني أي بحفظي وحراستي وقد تقدم .

قوله تعالى : وسبح بحمد ربك حين تقوم فيه :

قوله تعالى : وسبح بحمد ربك حين تقوم اختلف في تأويل قوله : حين تقوم فقال عون بن مالك وابن مسعود وعطاء وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبو الأحوص : يسبح الله حين يقوم من مجلسه ; فيقول : سبحان الله وبحمده ، أو سبحانك اللهم وبحمدك ; فإن كان المجلس خيرا ازددت ثناء حسنا ، وإن كان غير ذلك كان كفارة له ; ودليل هذا التأويل ما خرجه الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك قال : حديث حسن صحيح غريب . وفيه عن ابن عمر قال : كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم : رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور قال : حديث حسن صحيح غريب .

وقال محمد بن كعب والضحاك والربيع : المعنى حين تقوم إلى الصلاة . قال الضحاك : يقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا . قال الكيا الطبري : وهذا فيه بعد ; فإن قوله : حين تقوم لا يدل على التسبيح بعد التكبير ، فإن التكبير هو الذي يكون بعد القيام ، والتسبيح يكون وراء ذلك ، فدل على أن المراد فيه حين تقوم من كل مكان كما قال ابن مسعود رضي الله عنه . وقال أبو الجوزاء وحسان بن عطية : المعنى حين تقوم من منامك . قال حسان : ليكون مفتتحا لعمله بذكر الله . وقال الكلبي : واذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة وهي صلاة الفجر .

وفي هذا روايات مختلفات صحاح ; منها حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم : من تعار في الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال : اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته خرجه البخاري . تعار الرجل من الليل : إذا هب من نومه مع صوت ; ومنه عار الظليم يعار عرارا وهو صوته ; وبعضهم يقول : عر الظليم يعر عرارا ، كما قالوا زمر النعام يزمر زمارا . وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل : اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وعليك توكلت وبك آمنت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك متفق عليه .

وعن ابن عباس أيضا أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا استيقظ من الليل مسح النوم من وجهه ; ثم قرأ العشر الآيات الأواخر من سورة " آل عمران " . وقال زيد بن أسلم : المعنى حين تقوم من نوم القائلة لصلاة الظهر . قال ابن العربي : أما نوم القائلة فليس فيه أثر وهو ملحق بنوم الليل . وقال الضحاك : إنه التسبيح في الصلاة إذا قام إليها . الماوردي : وفي هذا التسبيح قولان ؛ أحدهما : وهو قوله سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود . الثاني : أنه التوجه في الصلاة يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك . قال ابن العربي : من قال إنه التسبيح للصلاة فهذا أفضله ، والآثار في ذلك كثيرة أعظمها ما ثبت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال وجهت وجهي الحديث . وقد ذكرناه وغيره في آخر سورة " الأنعام " . وفي البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : قلت يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي ; فقال : قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022