قوله تعالى : فيهما فاكهة ونخل ورمان فيه مسألتان :
الأولى : قال بعض العلماء : ليس الرمان والنخل من الفاكهة ، لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره وهذا ظاهر الكلام . وقال الجمهور : هما من الفاكهة وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما وحسن موقعهما على الفاكهة ، كقوله تعالى : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوله : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال وقد تقدم . وقيل : إنما كررها لأن النخل والرمان كانا عندهم في ذلك الوقت بمنزلة البر عندنا ، لأن النخل عامة قوتهم ، والرمان كالثمرات ، فكان يكثر غرسهما عندهم لحاجتهم إليهما ، وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها ، فإنما ذكر الفاكهة ثم ذكر النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم من المدينة إلى مكة إلى ما والاها من أرض اليمن ، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها . وقيل : أفردا بالذكر لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه ، ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله ، وهي المسألة
الثانية : إذا حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث . وخالفه صاحباه والناس . قال ابن عباس : الرمانة في الجنة مثل البعير المقتب . وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وكرانيفها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عجم . قال : وحدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ، قال : نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى ، وإن ماءها ليجري في غير أخدود ، والعنقود اثنا عشر ذراعا .