تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  عبس الأية 33


سورة Sura   عبس   Abasa
عبس Abasa
عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)
الصفحة Page 585
فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33)

قوله تعالى : فإذا جاءت الصاخة لما ذكر أمر المعاش ذكر أمر المعاد ، ليتزودوا له بالأعمال الصالحة ، وبالإنفاق مما امتن به عليهم . والصاخة : الصيحة التي تكون عنها القيامة ، وهي النفخة الثانية ، تصخ الأسماع : أي تصمها فلا تسمع إلا ما يدعى به للأحياء . وذكر ناس من المفسرين قالوا : تصيخ لها الأسماع ، من قولك : أصاخ إلى كذا : أي استمع إليه ، ومنه الحديث : " ما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة شفقا من الساعة إلا الجن والإنس " . وقال الشاعر :

يصيخ للنبأة أسماعه إصاخة المنشد للمنشد

قال بعض العلماء : وهذا يؤخذ على جهة التسليم للقدماء ، فأما اللغة فمقتضاها القول الأول ، قال الخليل : الصاخة : صيحة تصخ الآذان صخا أي تصمها بشدة وقعتها . وأصل الكلمة في اللغة : الصك الشديد . وقيل : هي مأخوذة من صخه بالحجر : إذا صكه قال الراجز :

يا جارتي هل لك أن تجالدي جلادة كالصك بالجلامد

ومن هذا الباب قول العرب : صختهم الصاخة وباتتهم البائتة ، وهي الداهية . الطبري : وأحسبه من صخ فلان فلانا : إذا أصماه . قال ابن العربي : الصاخة التي تورث الصمم ، وإنها لمسمعة ، وهذا من بديع الفصاحة ، حتى لقد قال بعض حديثي الأسنان حديثي الأزمان :

أصم بك الناعي وإن كان أسمعا

وقال آخر :

أصمني سرهم أيام فرقتهم فهل سمعتم بسر يورث الصمما

لعمر الله إن صيحة القيامة لمسمعة تصم عن الدنيا ، وتسمع أمور الآخرة .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022