تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  مريم الأية 73


سورة Sura   مريم   Maryam
رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ۚ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا (76)
الصفحة Page 310
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)

قوله تعالى : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات أي على الكفار الذين سبق ذكرهم في قوله تعالى : أئذا ما مت لسوف أخرج حيا وقال فيهم : ونذر الظالمين فيها جثيا أي هؤلاء إذا قرئ عليهم القرآن تعززوا بالدنيا ، وقالوا : فما بالنا - إن كنا على باطل - أكثر أموالا وأعز نفرا . وغرضهم إدخال الشبهة على المستضعفين ، وإيهامهم أن من كثر ماله دل ذلك على أنه المحق في دينه ، وكأنهم لم يروا في الكفار فقيرا ولا في المسلمين غنيا ، ولم يعلموا أن الله تعالى نحى أولياءه عن الاغترار بالدنيا وفرط الميل إليها . وبينات معناه مرتلات الألفاظ ملخصة المعاني ، مبينات المقاصد ؛ إما محكمات ، أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات ، أو تبيين الرسول - صلى الله عليه وسلم - قولا أو فعلا أو ظاهرات الإعجاز تحدي بها فلم يقدر على معارضتها . أو حججا وبراهين . والوجه أن تكون حالا مؤكدة كقوله تعالى : وهو الحق مصدقا لأن آيات الله تعالى لا تكون إلا واضحة وحججا .

قال الذين كفروا يريد مشركي قريش النضر بن الحارث وأصحابه . للذين آمنوا يعني فقراء أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت فيهم قشافة ، وفي عيشهم خشونة وفي ثيابهم رثاثة وكان المشركون ، يرجلون شعورهم ويدهنون رءوسهم ، ويلبسون خير ثيابهم ، فقالوا للمؤمنين : أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا . قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد مقاما بضم الميم وهو موضع الإقامة . ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإقامة . الباقون مقاما بالفتح ؛ أي منزلا ومسكنا . وقيل : المقام الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة ؛ أي أي الفريقين أكثر جاها وأنصارا . وأحسن نديا أي مجلسا ؛ عن ابن عباس وعنه أيضا المنظر وهو المجلس في اللغة وهو النادي ومنه دار الندوة لأن المشركين كانوا يتشاورون فيها في أمورهم وناداه جالسه في النادي قال :

أنادي به آل الوليد وجعفرا

والندي على فعيل : مجلس القوم ومتحدثهم ، وكذلك الندوة والنادي والمتندى ، فإن تفرق القوم فليس بندي قاله الجوهري .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022