تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الروم الأية 28


سورة Sura   الروم   Ar-Room
وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ ۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)
الصفحة Page 407
ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ ۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)

قوله تعالى : ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون .

فيه مسألتان :

الأولى : قوله تعالى : من أنفسكم ثم قال : من شركاء ; ثم قال : مما ملكت أيمانكم ف ( من ) الأولى للابتداء ; كأنه قال : أخذ مثلا وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم . والثانية للتبعيض ، والثالثة زائدة لتأكيد الاستفهام . والآية نزلت في كفار قريش ، كانوا يقولون في التلبية : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك ; قاله سعيد بن جبير . وقال قتادة : هذا مثل ضربه الله للمشركين ; والمعنى : هل يرضى أحدكم أن يكون مملوكه في ماله ونفسه مثله ، فإذا لم ترضوا بهذا لأنفسكم فكيف جعلتم لله شركاء .

الثانية : قال بعض العلماء : هذه الآية أصل في الشركة بين المخلوقين لافتقار بعضهم إلى بعض ونفيها عن الله سبحانه ، وذلك أنه لما قال جل وعز : ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم الآية ، فيجب أن يقولوا : ليس عبيدنا شركاءنا فيما رزقتنا ، فيقال لهم : فكيف يتصور أن تنزهوا نفوسكم عن مشاركة عبيدكم وتجعلوا عبيدي شركائي في خلقي ; فهذا حكم فاسد وقلة نظر وعمى قلب ، فإذا بطلت الشركة بين العبيد وسادتهم فيما يملكه السادة والخلق كلهم عبيد لله تعالى فيبطل أن يكون شيء من العالم شريكا لله تعالى في شيء من أفعاله ; فلم يبق إلا أنه واحد يستحيل أن يكون له شريك ، إذ الشركة تقتضي المعاونة ، ونحن مفتقرون إلى معاونة بعضنا بعضا بالمال والعمل ; والقديم الأزلي منزه عن ذلك جل وعز .

وهذه المسألة أفضل للطالب من حفظ ديوان كامل في الفقه ; لأن جميع العبادات البدنية لا تصح إلا بتصحيح هذه المسألة في القلب ، فافهم ذلك .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022