قوله تعالى : أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون .
قوله : في أنفسهم ظرف للتفكر وليس بمفعول ، تعدى إليه يتفكروا بحرف جر ; لأنهم لم يؤمروا أن يتفكروا في خلق أنفسهم ؛ إنما أمروا أن يستعملوا التفكر في خلق السماوات والأرض وأنفسهم ؛ حتى يعلموا أن الله لم يخلق السماوات وغيرها إلا بالحق . قال الزجاج : في الكلام حذف ، أي فيعلموا ; لأن في الكلام دليلا عليه . إلا بالحق قال الفراء : معناه إلا للحق ; يعني الثواب والعقاب . وقيل : إلا لإقامة الحق . وقيل : بالحق بالعدل . وقيل : بالحكمة ; والمعنى متقارب . وقيل : بالحق أي أنه هو الحق وللحق خلقها ، وهو الدلالة على توحيده وقدرته . وأجل مسمى أي للسماوات والأرض أجل ينتهيان إليه ؛ وهو يوم القيامة . وفي هذا تنبيه على الفناء ، وعلى أن لكل مخلوق أجلا ، وعلى ثواب المحسن وعقاب المسيء . وقيل : وأجل مسمى أي خلق ما خلق في وقت سماه ؛ لأن يخلق ذلك الشيء فيه . وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون اللام للتوكيد ، والتقدير : لكافرون بلقاء ربهم ، على التقديم والتأخير ; أي لكافرون بالبعث بعد الموت . وتقول : إن زيدا في الدار لجالس . ولو قلت : إن زيدا لفي الدار لجالس جاز . فإن قلت : إن زيدا جالس لفي الدار لم يجز ; لأن اللام إنما يؤتى بها توكيدا لاسم إن وخبرها ، وإذا جئت بهما لم يجز أن تأتي بها . وكذا إن قلت : إن زيدا لجالس لفي الدار لم يجز .