قوله تعالى : ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون قال سيبويه : أن بدل من كم ، ومعنى كم هاهنا الخبر ، فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام . والمعنى : ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون . وقال الفراء : كم في موضع نصب من وجهين : أحدهما ب " يروا " واستشهد على هذا بأنه في قراءة ابن مسعود " ألم يروا من أهلكنا " . والوجه الآخر : أن يكون كم في موضع نصب ب " أهلكنا " . قال النحاس : القول الأول محال ; لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها ; لأنها استفهام ، ومحال أن يدخل الاستفهام في خبر ما قبله . وكذا حكمها إذا كانت خبرا ، وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا ، فجعل أنهم بدلا من كم . وقد رد ذلك محمد بن يزيد أشد رد ، وقال : كم في موضع نصب ب " أهلكنا " و " أنهم " في موضع نصب ، والمعنى عنده بأنهم أي : ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون بالاستئصال . قال : والدليل على هذا أنها في قراءة عبد الله " من أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون " . وقرأ الحسن : " إنهم إليهم لا يرجعون " بكسر الهمزة على الاستئناف . وهذه الآية رد على من زعم أن من الخلق من يرجع قبل القيامة بعد الموت .