تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  النساء الأية 129


سورة Sura   النساء   An-Nisaa
وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129) وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا (133) مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)
الصفحة Page 99
وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129)

قوله : ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما

قوله تعالى : ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل أخبر تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء ، وذلك في ميل الطبع بالمحبة والجماع والحظ من القلب . فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض ؛ ولهذا كان عليه السلام يقول : اللهم إن هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك . ثم نهى فقال : فلا تميلوا كل الميل قال مجاهد : لا تتعمدوا الإساءة بل الزموا التسوية في القسم والنفقة ؛ لأن هذا مما يستطاع . وسيأتي بيان هذا في " الأحزاب " مبسوطا إن شاء الله تعالى . وروى قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل .

قوله تعالى : فتذروها كالمعلقة أي لا هي مطلقة ولا ذات زوج ؛ قاله الحسن . وهذا تشبيه بالشيء المعلق من شيء ؛ لأنه لا على الأرض استقر ولا على ما علق عليه انحمل ؛ وهذا مطرد في قولهم في المثل : " ارض من المركب بالتعليق " . وفي عرف النحويين فمن تعليق الفعل . ومنه في حديث أم زرع في قول المرأة : زوجي العشنق ، إن أنطق أطلق ، وإن أسكت أعلق . وقال قتادة : كالمسجونة ؛ وكذا قرأ أبي " فتذروها كالمسجونة " . وقرأ ابن مسعود " فتذروها كأنها معلقة " . وموضع " فتذروها " نصب ؛ لأنه جواب النهي . والكاف في " كالمعلقة " في موضع نصب أيضا .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022