قوله تعالى : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما
استفهام بمعنى التقرير للمنافقين . التقدير : أي منفعة له في عذابكم إن شكرتم وآمنتم ؛ فنبه تعالى أنه لا يعذب الشاكر المؤمن ، وأن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه ، وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه . وقال مكحول : أربع من كن فيه كن له ، وثلاث من كن فيه كن عليه ؛ فالأربع اللاتي له : فالشكر والإيمان والدعاء والاستغفار ، قال الله تعالى : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وقال الله تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وقال تعالى : قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم . وأما الثلاث اللاتي عليه : فالمكر والبغي والنكث ؛ قال الله تعالى : فمن نكث فإنما ينكث على نفسه . وقال تعالى : ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله وقال تعالى : إنما بغيكم على أنفسكم . وكان الله شاكرا عليما أي يشكر عباده على طاعته . ومعنى " يشكرهم " يثيبهم ؛ فيتقبل العمل القليل ويعطي عليه الثواب الجزيل ، وذلك شكر منه على عبادته .والشكر في اللغة الظهور ، يقال : دابة شكور إذا أظهرت من السمن فوق ما تعطى من العلف ، وقد تقدم هذا المعنى مستوفى . والعرب تقول في المثل : " أشكر من بروقة " لأنها يقال : تخضر وتنضر بظل السحاب دون مطر . والله أعلم .