تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  غافر الأية 35


سورة Sura   غافر   Ghafir
وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)
الصفحة Page 471
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)

قوله تعالى : الذين يجادلون في آيات الله أي في حججه الظاهرة بغير سلطان أتاهم أي بغير حجة وبرهان و " الذين " في موضع نصب على البدل من " من " وقال الزجاج : أي : كذلك يضل الله الذين يجادلون في آيات الله ف " الذين " نصب . قال : ويجوز أن يكون رفعا على معنى هم الذين ، أو على الابتداء والخبر كبر مقتا . ثم قيل : هذا من كلام مؤمن آل فرعون . وقيل : ابتداء خطاب من الله تعالى .

مقتا على البيان أي : كبر جدالهم مقتا ، كقوله : كبرت كلمة ومقت الله تعالى ذمه لهم ولعنه إياهم وإحلال العذاب بهم . كذلك أي كما طبع الله على قلوب هؤلاء المجادلين فكذلك يطبع الله أي يختم على كل قلب متكبر جبار حتى لا يعقل الرشاد ولا يقبل الحق . وقراءة العامة على كل قلب متكبر بإضافة " قلب " إلى المتكبر ، واختاره أبو حاتم وأبو عبيد . وفي الكلام حذف ، والمعنى : كذلك يطبع الله على كل قلب على كل متكبر جبار فحذف " كل " الثانية لتقدم ما يدل عليها . وإذا لم يقدر حذف " كل " لم يستقم المعنى ; لأنه يصير معناه أنه يطبع على جميع قلبه وليس المعنى عليه . وإنما المعنى أنه يطبع على قلوب المتكبرين الجبارين قلبا قلبا . ومما يدل على حذف " كل " قول أبي دواد :

أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا

يريد : وكل نار . وفي قراءة ابن مسعود " على قلب كل متكبر " فهذه قراءة على التفسير والإضافة . وقرأ أبو عمرو وابن محيصن وابن ذكوان عن أهل الشام " قلب " منون على أن " متكبر " نعت للقلب فكنى بالقلب عن الجملة ; لأن القلب هو الذي يتكبر وسائر الأعضاء تبع له ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ويجوز أن يكون على حذف المضاف ، أي : على كل ذي قلب متكبر ، تجعل الصفة لصاحب القلب .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022