قوله تعالى : ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا سجل سبحانه على المجادلين في آيات الله بالكفر ، والمراد الجدال بالباطل ، من الطعن فيها ، والقصد إلى إدحاض الحق ، وإطفاء نور الله تعالى . وقد دل على ذلك في قوله تعالى : وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق . فأما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها ، وحل مشكلها ، ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ، ورد أهل الزيغ بها وعنها ، فأعظم جهاد في سبيل الله . وقد مضى هذا المعنى في [ البقرة ] عند قوله تعالى : ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه مستوفى .
فلا يغررك وقرئ : " فلا يغرك " تقلبهم أي : تصرفهم في البلاد فإني وإن أمهلتهم لا أهملهم بل أعاقبهم . قال ابن عباس : يريد تجارتهم من مكة إلى الشام وإلى اليمن . وقيل : لا يغررك ما هم فيه من الخير والسعة في الرزق فإنه متاع قليل في الدنيا . وقال الزجاج : لا يغررك سلامتهم بعد كفرهم فإن عاقبتهم الهلاك . وقال أبو العالية : آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن : قوله : ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ، وقوله : وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد .