قوله تعالى : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون .
قوله تعالى : هذا كتابنا قيل من قول الله لهم . وقيل : من قول الملائكة . ينطق عليكم بالحق أي يشهد . وهو استعارة يقال : نطق الكتاب بكذا أي : بين . وقيل : إنهم يقرءونه فيذكرهم الكتاب ما عملوا ، فكأنه ينطق عليهم ، دليله قوله : ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . وفي المؤمنين : ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون وقد تقدم . و ينطق في ، موضع الحال من الكتاب ، أو من ذا ، أو خبر ثان لذا ، أو يكون كتابنا بدلا من هذا وينطق الخبر .
إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون أي نأمر بنسخ ما كنتم تعملون . قال علي - رضي الله عنه - : إن لله ملائكة ينزلون كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم . وقال ابن عباس : إن الله وكل ملائكة مطهرين فينسخون من أم الكتاب في رمضان كل ما يكون من أعمال بني آدم فيعارضون حفظة الله على العباد كل خميس ، فيجدون ما جاء به الحفظة من أعمال العباد موافقا لما في كتابهم الذي استنسخوا من ذلك الكتاب لا زيادة فيه ولا نقصان . قال ابن عباس : وهل يكون النسخ إلا من كتاب . الحسن : نستنسخ ما كتبته الحفظة على بني آدم ، لأن الحفظة ترفع إلى الخزنة صحائف الأعمال . وقيل : تحمل الحفظة كل يوم ما كتبوا على العبد ، ثم إذا عادوا إلى مكانهم نسخ منه الحسنات والسيئات ، ولا تحول المباحات إلى النسخة الثانية . وقيل : إن الملائكة إذا رفعت أعمال العباد إلى الله - عز وجل - أمر بأن يثبت عنده منها ما فيه ثواب وعقاب ، ويسقط من جملتها ما لا ثواب فيه ولا عقاب .