قوله تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى أي لم يكذب قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ; وذلك أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده حتى رأى ربه تعالى وجعل الله تلك رؤية . وقيل : كانت رؤية حقيقة بالبصر . والأول مروي عن ابن عباس . وفي صحيح مسلم أنه رآه بقلبه . وهو قول أبي ذر وجماعة من الصحابة . والثاني قول أنس وجماعة . وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم . وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال : أما نحن بني هاشم فنقول إن محمدا رأى ربه مرتين . وقد مضى القول في هذا في " الأنعام " عند قوله : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار . وروى محمد بن كعب قال : قلنا يا رسول الله صلى الله عليك ، رأيت ربك ؟ قال : رأيته بفؤادي مرتين ثم قرأ : ما كذب الفؤاد ما رأى . وقول ثالث أنه رأى جلاله وعظمته ; قاله الحسن . وروى أبو العالية قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل رأيت ربك ؟ قال : رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير ذلك . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ قال : نور أنى أراه المعنى غلبني من النور وبهرني منه ما منعني من رؤيته . ودل على هذا الرواية الأخرى رأيت نورا . وقال ابن مسعود : رأى جبريل على صورته مرتين . وقرأ هشام عن ابن عامر وأهل الشام " ما كذب " بالتشديد أي ما كذب قلب محمد ما رأى بعينه تلك الليلة بل صدقه . ف " ما " مفعوله بغير حرف مقدر ; لأنه يتعدى مشددا بغير حرف . ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي والعائد محذوف ، ويجوز أن يكون مع الفعل مصدرا . الباقون مخففا ; أي ما كذب فؤاد محمد فيما رأى ; فأسقط حرف الصفة . قال حسان رضي الله عنه :
لو كنت صادقة الذي حدثتني لنجوت منجى الحارث بن هشام
أي في الذي حدثتني . ويجوز أن يكون مع الفعل مصدرا . ويجوز أن يكون بمعنى الذي ; أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم الذي رأى .