تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الحديد الأية 14


سورة Sura   الحديد   Al-Hadid
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ مَأْوَاكُمُ النَّارُ ۖ هِيَ مَوْلَاكُمْ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) ۞ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)
الصفحة Page 539
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)

قوله تعالى : ينادونهم أي : ينادي المنافقون المؤمنين ألم نكن معكم في الدنيا يعني نصلي مثل ما تصلون ، ونغزو مثل ما تغزون ، ونفعل مثل ما تفعلون قالوا بلى أي : يقول المؤمنون بلى قد كنتم معنا في الظاهر ولكنكم فتنتم أنفسكم أي : استعملتموها في الفتنة . وقال مجاهد : أهلكتموها بالنفاق . وقيل : بالمعاصي ؛ قاله أبو سنان . وقيل : بالشهوات واللذات ، رواه أبو نمير الهمداني . وتربصتم أي : تربصتم بالنبي صلى الله عليه وسلم الموت ، وبالمؤمنين الدوائر . وقيل : تربصتم بالتوبة وارتبتم أي : شككتم في التوحيد والنبوة وغرتكم الأماني أي : الأباطيل . وقيل : طول الأمل . وقيل : هو ما كانوا يتمنونه من ضعف المؤمنين ونزول الدوائر بهم . وقال قتادة : الأماني هنا خدع الشيطان . وقيل : الدنيا ؛ قاله عبد الله بن عباس . وقال أبو سنان : هو قولهم سيغفر لنا . وقال بلال بن سعد : ذكرك حسناتك ونسيانك سيئاتك غرة . حتى جاء أمر الله يعني الموت . وقيل : نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : إلقاؤهم في النار . وغركم أي : خدعكم بالله الغرور أي : الشيطان ؛ قاله عكرمة . وقيل : الدنيا ؛ قاله الضحاك . وقال بعض العلماء : إن للباقي بالماضي معتبرا ، وللآخر بالأول مزدجرا ، والسعيد من لا يغتر بالطمع ، ولا يركن إلى الخدع ، ومن ذكر المنية نسي الأمنية ، ومن أطال الأمل نسي العمل ، وغفل عن الأجل . وجاء الغرور على لفظ المبالغة للكثرة . وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السميفع وسماك بن حرب " الغرور " بضم الغين يعني الأباطيل ، وهو مصدر . وعن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم خط لنا خطوطا ، وخط منها خطا ناحية ، فقال : أتدرون ما هذا ؟ هذا مثل ابن آدم ومثل التمني ، وتلك الخطوط الآمال ، بينما هو يتمنى إذ جاءه الموت . وعن ابن مسعود قال : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، وخط وسطه خطا وجعله خارجا منه ، وخط عن يمينه ويساره خطوطا صغارا فقال : ( هذا ابن آدم وهذا أجله محيط به وهذا أمله قد جاوز أجله وهذه الخطوط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا ) .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022