تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الجن الأية 3


سورة Sura   الجن   Al-Jinn
الجن Al-Jinn
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ ۖ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)
الصفحة Page 572
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)

قوله تعالى : وأنه تعالى جد ربنا كان علقمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وابن عامر وخلف وحفص والسلمي ينصبون أن في جميع السورة في اثني عشر موضعا ، وهو : أنه تعالى جد ربنا ، وأنه كان يقول ، وأنا ظننا ، وأنه كان رجال ، وأنهم ظنوا ، وأنا لمسنا السماء ، وأنا كنا نقعد ، وأنا لا ندري ، وأنا منا الصالحون وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ، وأنا لما سمعنا الهدى ، وأنا منا المسلمون عطفا على قوله : أنه استمع نفر ، وأنه استمع لا يجوز فيه إلا الفتح ; لأنها في موضع اسم فاعل أوحي فما بعده معطوف عليه . وقيل : هو محمول على الهاء في آمنا به ، أي وب " أنه تعالى جد ربنا " وجاز ذلك وهو مضمر مجرور لكثرة حرف الجر مع أن .

وقيل : المعنى أي وصدقنا أنه جد ربنا ، وقرأ الباقون كلها بالكسر وهو الصواب ، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم عطفا على قوله : فقالوا إنا سمعنا لأنه كله من كلام الجن . وأما أبو جعفر وشيبة فإنهما فتحا ثلاثة مواضع ; وهي قوله تعالى : وأنه تعالى جد ربنا ، وأنه كان يقول ، وأنه كان رجال ، قالا : لأنه من الوحي ، وكسرا ما بقي ; لأنه من كلام الجن . وأما قوله تعالى : وأنه لما قام عبد الله . فكلهم فتحوا إلا نافعا وشيبة وزر بن حبيش وأبا بكر والمفضل عن عاصم ، فإنهم كسروا لا غير . ولا خلاف في فتح همزة أنه استمع نفر من الجن ، وأن لو استقاموا وأن المساجد لله و أن قد أبلغوا . وكذلك لا خلاف في كسر ما بعد القول ; نحو قوله تعالى : فقالوا إنا سمعنا و ( قال إنما أدعو ربي ) و قل إن أدري و قل إني لا أملك وكذلك لا خلاف في كسر ما كان بعد فاء الجزاء ; نحو قوله تعالى : فإن له نار جهنم و فإنه يسلك من بين يديه لأنه موضع ابتداء .

وأنه تعالى جد ربنا الجد في اللغة : العظمة والجلال ; ومنه قول أنس : كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا ; أي عظم وجل . فمعنى : جد ربنا أي عظمته وجلاله ; قال عكرمة ومجاهد وقتادة . وعن مجاهد أيضا : ذكره . وقال أنس بن مالك والحسن وعكرمة أيضا : غناه . ومنه قيل للحظ جد ، ورجل مجدود أي محظوظ ; وفي الحديث : ولا ينفع ذا الجد منك الجد قال أبو عبيدة والخليل : أي ذا الغنى ، منك الغنى ، إنما تنفعه الطاعة . وقال ابن عباس : قدرته . الضحاك : فعله . وقال القرظي والضحاك أيضا : آلاؤه ونعمه على خلقه . وقال أبو عبيدة والأخفش ملكه وسلطانه . وقال السدي : أمره . وقال سعيد بن جبير : وأنه تعالى جد ربنا أي تعالى ربنا . وقيل : إنهم عنوا بذلك الجد الذي هو أب الأب ، ويكون هذا من قول الجن .

وقال محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر الصادق والربيع : ليس لله تعالى جد ، وإنما قالته الجن للجهالة ، فلم يؤاخذوا به . وقال القشيري : ويجوز إطلاق لفظ الجد في حق الله تعالى ; إذ لو لم يجز لما ذكر في القرآن ، غير أنه لفظ موهم ، فتجنبه أولى . وقراءة عكرمة ( جد ) بكسر الجيم : على ضد الهزل . وكذلك قرأ أبو حيوة ومحمد بن السميقع . ويروى عن ابن السميقع أيضا وأبي الأشهب ( جدا ربنا ) ، وهو الجدوى والمنفعة . وقرأ عكرمة أيضا ( جدا ) بالتنوين ( ربنا ) بالرفع على أنه مرفوع ، ب ( تعالى ) ، و ( جدا ) منصوب على التمييز . وعن عكرمة أيضا ( جد ) بالتنوين والرفع ( ربنا ) بالرفع على تقدير : تعالى جد جد ربنا ; فجد الثاني بدل من الأول وحذف وأقيم المضاف إليه مقامه . ومعنى الآية : وأنه تعالى جلال ربنا أن يتخذ صاحبة وولدا للاستئناس بهما والحاجة إليهما ، والرب يتعالى عن الأنداد والنظراء .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022