وإِذْ في قوله- تعالى-: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ... ظرف منصوب بقوله أَقْرَبُ. أى: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، في الوقت الذي يتلقى فيه الْمُتَلَقِّيانِ وهما الملكان جميع ما يصدر عن هذا الإنسان.
وهو- سبحانه- وإن كان في غير حاجة إلى كتابة هذين الملكين لما يصدر عن الإنسان، إلا أنه- تعالى- قضى بذلك لحكم متعددة، منها إقامة الحجة على العبد يوم القيامة، كما أشار- سبحانه- إلى ذلك في قوله: ... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً. اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً .
ومفعول التلقي في الفعل الذي هو يتلقى، وفي الوصف الذي هو المتلقيان، محذوف، والتقدير إذ يتلقى المتلقيان جميع ما يصدر عن الإنسان فيكتبانه عليه.
وقوله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ بيان ليقظة الملكين وحرصهما على تسجيل كل ما يصدر عن الإنسان.
وقَعِيدٌ بمعنى المقاعد، أى الملازم للإنسان، كالجليس بمعنى المجالس.
والمعنى: عن يمين الإنسان ملك ملازم له لكتابة الحسنات، وعن الشمال كذلك ملك آخر ملازم له لكتابة السيئات وحذف لفظ قعيد من الأول لدلالة الثاني عليه، كما في قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأى مختلف
أى: نحن راضون بما عندنا وأنت راض بما عندك..