قال الآلوسى: قوله: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تسلية له صلّى الله عليه وسلم بعموم البلية، والوعد له صلّى الله عليه وسلّم والوعيد لأعدائه.
والمعنى: وإن استمروا على أن يكذبوك فيما بلغت إليهم من الحق المبين.. فتأس بأولئك الرسل في الصبر، فقد كذبهم قومهم فصبروا على تكذيبهم. فجملة فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ قائمة مقام جواب الشرط، والجواب في الحقيقة تأس. وأقيمت تلك الجملة مقامه، اكتفاء بذكر السبب عن ذكر المسبب..
وجاء لفظ الرسل بصيغة التنكير، للإشعار بكثرة عددهم، وسمو منزلتهم.
أى: وإن يكذبك- أيها الرسول الكريم- قومك، فلا تحزن، ولا تبتئس، فإن إخوانك من الأنبياء الذين سبقوك، قد كذبهم أقوامهم، فأنت لست بدعا في ذلك.
ومن الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ. .
وقوله- عز وجل-: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ..
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يزيد في تسليته صلّى الله عليه وسلّم فقال: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ.
أى: وإلى الله- تعالى- وحده ترجع أمور الناس وأحوالهم وأعمالهم وأقوالهم. وسيجازى- سبحانه- الذين أساءوا بما عملوا، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.