ثم أشار- سبحانه- إلى ما حل بقارون وفرعون وهامان فقال: وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ أى: وأهلكنا- أيضا- قارون، وهو الذي كان من قوم موسى فبغى عليهم، كما أهلكنا فرعون الذي قال لقومه: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وهامان الذي كان وزيرا لفرعون وعونا له في الكفر والظلم والطغيان.
قال الآلوسى: وتقديم قارون، لأن المقصود تسلية النبي صلى الله عليه وسلم فيما لقى من قومه لحسدهم له، وقارون كان من قوم موسى- عليه السلام- وقد لقى منه ما لقى. أو لأن حال قارون أوفق بحال عاد وثمود، فإنه كان من أبصر الناس وأعلمهم بالتوراة، ولكنه لم يفده الاستبصار شيئا، كما لم يفدهم كونهم مستبصرين شيئا.. .
ثم بين- سبحانه- ما جاءهم به موسى- عليه السلام- وموقفهم منه فقال: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ أى: جاءهم جميعا بالمعجزات الواضحات الدالة على صدقه.
فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ أى: فاستكبر قارون وفرعون وهامان في الأرض. وأبوا أن يؤمنوا بموسى، بل وصفوه بالسحر وبما هو برىء منه.
وَما كانُوا سابِقِينَ أى: وما كانوا بسبب استكبارهم وغرورهم هذا، هاربين أو ناجين من قضائنا فيهم، ومن إهلاكنا لهم.
فقوله: سابِقِينَ من السبق، بمعنى التقدم على الغير. يقال فلان سبق طالبه، إذا تقدم عليه دون أن يستطيع هذا الطالب إدراكه.
والمراد أن قارون وفرعون وهامان، لم يستطيعوا- رغم قوتهم وغنائهم- أن يفلتوا من عقابنا، بل أدركهم عذابنا إدراكا تاما فأبادهم وقضى عليهم.