وقوله- سبحانه- بعد ذلك: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ حكاية لقول آخر من أقوالهم الباطلة، التي قالوها بشأن ما جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم.
والاستفهام لتعجبهم مما قاله صلى الله عليه وسلم لأن قوله لهم: إنكم ستبعثون وتحاسبون يوم القيامة، جعلهم لجهلهم وانطماس عقولهم- يستنكرون ذلك، ويرجعون قوله صلى الله عليه وسلم إلى أمرين: إما افتراء الكذب واختلاقه على الله- تعالى- وإما إصابته بالجنون الذي جعله يقول قولا لا يدرى معناه.
وقد رد الله- تعالى- بما ينفى عن رسوله صلى الله عليه وسلم ما اتهموه به، وبما يثبت جهلهم وغباءهم فقال. بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ.
أى: ليس الأمر كما زعم هؤلاء الكافرون، من أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخبرهم بأن هناك بعثا وحسابا، به جنة أو افترى على الله كذبا، بل الحق أن هؤلاء الكافرين الذين لا يؤمنون بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب، غارقون في العذاب الذي لا نهاية له. وفي الضلال البعيد عن الحق غاية البعد.