ثم بين- سبحانه- أن مصير العباد جميعا إليه يوم القيامة فقال- تعالى- اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ.
أى: الله الواحد الأحد الفرد الصمد والذي لا معبود بحق سواه، كتب على نفسه أنه ليبعثنكم من قبوركم وليحشرنكم إلى الحساب في يوم القيامة الذي لا شك في حصوله ووقوعه.
فالجملة الكريمة قررت أن العبادة الحق إنما هي لله رب العالمين، كما قررت أن يوم الحساب آت لا شك فيه مهما أنكره الملحدون، ومارى فيه الممارون.
ولفظ الجلالة مبتدأ، وجملة «لا إله إلا هو» خبر. وقوله لَيَجْمَعَنَّكُمْ جواب قسم محذوف. أى والله ليحشرنكم من قبوركم للحساب يوم القيامة. والجملة القسمية إما مستأنفة لا محل لها من الإعراب، أو هي خبر ثان للمبتدأ أو هي الخبر وجملة لا إله إلا هو معترضة.
وقوله لا رَيْبَ فِيهِ في محل نصب على الحال من يوم إذ الضمير في قوله (فيه) يعود إلى اليوم. ويجوز أن يكون في محل نصب على أنه نعت لمصدر محذوف دل عليه ليجمعنكم أى:
ليجمعنكم جمعا لا ريب فيه.
والاستفهام في قوله- تعالى- وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً للإنكار والنفي أى: لا يوجد في هذا الوجود من هو أصدق من الله- تعالى في حديثه وخبره ووعده ووعيده، وذلك لأن الكذب قبيح، والله- تعالى- منزه عن كل قبيح. ولأن الكاذب إنما يكذب لجر منفعة، أو لدفع مضرة، أو لجهله بقبح الكذب.. والله- تعالى- غنى عن كل شيء، وقدير على كل شيء وخالق لكل شيء، ومن كان كذلك لا يصدر عنه كذب وإنما يصدر عنه كل حق وصدق وعدل.
ثم واصلت السورة الكريمة حديثها عن أحوال المنافقين، وبينت حكم الله- تعالى- فيهم، ورسمت للمؤمنين طريق معاملتهم لغيرهم فقال تعالى: