ثم انتقلت السورة إلى الحديث عن حكم البالغين بالنسبة للاستئذان، بعد حديثها عن حكم غير البالغين بالنسبة لذلك فقال- تعالى- وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ، فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ....أى: وإذا بلغ الأطفال منكم- أيها المؤمنون والمؤمنات- سن الاحتلام والبلوغ الذي يصلح معه الزواج، فعليهم أن يستأذنوا في الدخول عليكم في كل الأوقات، كما استأذن الذين هم أكبر منهم في السن عند ما بلغوا سن الاحتلام، فقد أمر- سبحانه- أمرا عاما بذلك فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها.... قال صاحب الكشاف: «والمعنى أن الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في العورات الثلاث، فإذا اعتاد الأطفال ذلك ثم خرجوا عن حد الطفولة، بأن يحتلموا، أو يبلغوا السن التي يحكم عليهم فيها بالبلوغ، وجب أن يفطموا عن تلك العادة، ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات، كما هو الحال بالنسبة للرجال الكبار الذين لم يعتادوا الدخول عليكم إلا بإذن.
وهذا مما الناس منه في غفلة، وهو عندهم كالشريعة المنسوخة. وعن ابن مسعود:
«عليكم أن تستأذنوا على آبائكم وأمهاتكم وأخواتكم..» .
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أى:
والله- تعالى- عليم بأحوال النفوس وبما يصلحها من آداب، حكيم في كل ما يشرعه من أحكام.