وقوله- سبحانه-: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ معطوف على قوله- تعالى- قبل ذلك:
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.
ولفظ دون هنا يحتمل أنه بمعنى غير. أى: ولمن خاف مقام ربه جنتان، وله- أيضا- جنتان أخريان غيرهما، فهو من باب قوله- سبحانه- لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ.
قالوا: ويشهد لهذا الاحتمال. أن الله- تعالى- قد وصف هاتين الجنتين بما يقارب وصفه للجنتين السابقتين، وأن تكرير هذه الأوصاف من باب الحض على العمل الصالح الذي يوصل الى الظفر بتلك الجنات، وما اشتملت عليه من خيرات.
ويحتمل أن لفظ دون هنا: بمعنى أقل، أى: وأقل من تلك الجنتين في المنزلة والقدر، جنتان أخريان..
وعلى هذا المعنى سار جمهور المفسرين، ومن المفسرين الذين ساروا على هذا الرأى الإمام ابن كثير، فقد قال- رحمه الله- هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما في المرتبة والفضيلة والمنزلة، بنص القرآن، فقد قال- تعالى-: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ..
فالأوليان للمقربين، والأخريان: لأصحاب اليمين..
والدليل على شرف الأولين على الأخريين وجوه:
أحدها: أنه نعت الأوليين قبل هاتين، والتقديم يدل على الاعتناء، ثم قال: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ وهذا ظاهر في شرف المتقدم، وعلوه على الثاني.
وقال هناك ذَواتا أَفْنانٍ وهي الأغصان، أو الفنون في الملاذ: