ثم بين- سبحانه- أن كل شيء بقضائه وقدره فقال: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ.
والمراد بالمصيبة: الرزية والنكبة، وكل ما يسوء الإنسان في نفسه أو ماله أو ولده..
والمفعول محذوف، و «من» للتأكيد، ومُصِيبَةٍ فاعل.
أى: ما أصاب أحدا مصيبة في نفسه أو ماله أو ولده.. إلا بإذن الله- تعالى- وأمره وإرادته، لأن كل شيء بقضائه- سبحانه- وقدره.
قال القرطبي: قيل: سبب نزولها أن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله- تعالى- عن المصائب.
فأنزل الله- تعالى- هذه الآية للرد على المشركين، ولبيان أن كل شيء بإرادته- سبحانه-.
ثم بين- سبحانه- أن الإيمان الحق يعين على استقبال المصائب بصبر جميل فقال:
وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أى: ومن يؤمن بالله- تعالى- إيمانا حقا يهد قلبه الى الصبر الجميل، وإلى الاستسلام لقضائه- سبحانه- لأن إيمانه الصادق يجعله يعتقد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، والله- تعالى- عليم بكل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ أى: ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره: فصبر واحتسب واستسلم لقضائه- تعالى- هدى الله قلبه، وعوضه عما فاته من الدنيا.
وفي الحديث المتفق عليه: عجبا للمؤمن، لا يقضى الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن .