وقوله- سبحانه-: وَلَسَوْفَ يَرْضى المقصود به الوعد الصادق لهذا التقى، بما يزيد في سروره، وفي قرة عينه.
أى: ولسوف نعطى هذا التقى الذي أعطى واتقى وصدق بالحسنى، من أجل الظفر برضا ربه- تعالى- لا من أجل شيء آخر.. لسوف نعطيه عطاء يرضيه ويسعده ويشرح صدره.
هذا، وأكثر المفسرين على أن هذه الآيات الكريمة نزلت في شأن سيدنا أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-.
قال الإمام ابن جرير ما ملخصه: وذكر أن هذه الآيات نزلت في أبى بكر الصديق.. فقد كان يعتق العجائز من النساء إذا أسلمن، ويشترى الضعفة من العبيد فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بنى، أراك تعتق أناسا ضعفاء، فلو أنك تعتق رجالا جلداء- أى: أشداء- يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك.
فقال أبو بكر: أى أبت.. إنما أريد ما عند الله، فنزلت هذه الآيات. .
وقال الإمام ابن كثير: وقد ذكر غير واحد من المفسرين، أن هذه الآيات قد نزلت في أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك، ولا شك أنه داخل فيها، وأولى الأمة بعمومها، فإن لفظها لفظ العموم، وهو قوله:
وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ... ولكنه مقدم الأمة، وسابقهم في جميع هذه الأوصاف، وسائر الأوصاف الحميدة، فإنه كان صديقا، تقيا، كريما، جوادا، بذالا لماله في طاعة مولاه، ونصرة رسوله صلى الله عليه وسلم.. .
نسأل الله- تعالى- أن يحشرنا جميعا في زمرة عباده الأتقياء الأنقياء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.