تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  هود الأية 42


سورة Sura   هود   Hud
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39) حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) ۞ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)
الصفحة Page 226
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42)

قوله تعالى : وهي تجري بهم في موج كالجبال الموج جمع موجة ; وهي ما ارتفع من جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح . والكاف للتشبيه ، وهي في موضع خفض نعت للموج . وجاء في التفسير أن الماء جاوز كل شيء بخمسة عشر ذراعا .

ونادى نوح ابنه قيل : كان كافرا واسمه كنعان . وقيل : يام . ويجوز على قول سيبويه : ونادى نوح ابنه بحذف الواو من ابنه في اللفظ ، وأنشد :

له زجل كأنه صوت حاد

فأما " ونادى نوح ابنها وكان " فقراءة شاذة ، وهي مروية عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وعروة بن الزبير . وزعم أبو حاتم أنها تجوز على أنه يريد " ابنها " فحذف الألف كما تقول : " ابنه " ; فتحذف الواو . وقال النحاس : وهذا الذي قاله أبو حاتم لا يجوز على مذهب سيبويه ; لأن الألف خفيفة فلا يجوز حذفها ، والواو ثقيلة يجوز حذفها

وكان في معزل أي من دين أبيه . وقيل : عن السفينة . وقيل : إن نوحا لم يعلم أن ابنه كان كافرا ، وأنه ظن أنه مؤمن ; ولذلك قال له : ولا تكن مع الكافرين وسيأتي . وكان هذا النداء من قبل أن يستيقن القوم الغرق ; وقبل رؤية اليأس ، بل كان في أول ما فار التنور ، وظهرت العلامة لنوح . وقرأ عاصم : " يا بني اركب معنا " بفتح الياء ، والباقون بكسرها . وأصل يا بني أن تكون بثلاث ياءات ; ياء التصغير ، وياء الفعل ، وياء الإضافة ; فأدغمت ياء التصغير في لام الفعل ، وكسرت لام الفعل من أجل ياء الإضافة ، وحذفت ياء الإضافة لوقوعها موقع التنوين ، أو لسكونها وسكون الراء في هذا الموضع ; هذا أصل قراءة من كسر الياء ، وهو أيضا أصل قراءة من فتح ; لأنه قلب ياء الإضافة ألفا لخفة الألف ، ثم حذف الألف لكونها عوضا من حرف يحذف ، أو لسكونها وسكون الراء . قال النحاس : أما قراءة عاصم فمشكلة ; قال أبو حاتم : يريد يا بنياه ثم يحذف ; قال النحاس : رأيت علي بن سليمان يذهب إلى أن هذا لا يجوز ; لأن الألف خفيفة . قال أبو جعفر النحاس : ما علمت أن أحدا من النحويين جوز الكلام في هذا إلا أبا إسحاق ; فإنه زعم أن الفتح من جهتين ، والكسر من جهتين ; فالفتح على أنه يبدل من الياء ألفا ; قال الله - عز وجل - إخبارا : " يا ويلتا " وكما قال الشاعر :

فيا عجبا من رحلها المتحمل

فيريد يا بنيا ، ثم حذف الألف ; لالتقاء الساكنين ، كما تقول : جاءني عبدا الله في التثنية . والجهة الأخرى أن تحذف الألف ; لأن النداء موضع حذف . والكسر على أن تحذف الياء للنداء . والجهة الأخرى على أن تحذفها لالتقاء الساكنين .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022