تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  المؤمنون الأية 6


سورة Sura   المؤمنون   Al-Muminoon
المؤمنون Al-Muminoon
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)
الصفحة Page 342
إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)

إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخر كآيات الإحصان عموما وخصوصا وغير ذلك من الأدلة . قلت : وعلى هذا التأويل في الآية فلا يحل لامرأة أن يطأها من تملكه إجماعا من العلماء ؛ لأنها غير داخلة في الآية ، ولكنها لو أعتقته بعد ملكها له جاز له أن يتزوجها كما يجوز لغيره عند الجمهور . وروي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، والشعبي ، والنخعي أنها لو أعتقته حين ملكته كانا على نكاحهما . قال أبو عمر : ولا يقل هذا أحد من فقهاء الأمصار ؛ لأن تملكها عندهم يبطل النكاح بينهما ، وليس ذلك بطلاق وإنما هو فسخ للنكاح ؛ وأنها لو أعتقته بعد ملكها له لم يراجعها إلا بنكاح جديد ولو كانت في عدة منه .

الخامسة : قال محمد بن الحكم : سمعت حرملة بن عبد العزيز قال : سألت مالكا عن الرجل يجلد عميرة ، فتلا هذه الآية والذين هم لفروجهم حافظون - إلى قوله - العادون . وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة ؛ وفيه يقول الشاعر :

إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا داء ولا حرج

ويسميه أهل العراق الاستمناء ، وهو استفعال من المني . وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه ، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة ؛ أصله الفصد والحجامة . وعامة العلماء على تحريمه . وقال بعض العلماء : إنه كالفاعل بنفسه ، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة ، ويا ليتها لم تقل ؛ ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها . فإن قيل : إنها خير من نكاح الأمة ؛ قلنا : نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا ، وإن كان قد قال به قائل أيضا ، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل عار بالرجل الدنيء فكيف بالرجل الكبير .

قوله تعالى : إلا على أزواجهم قال الفراء : أي من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم لا يجاوزون . أو ما ملكت أيمانهم في موضع خفض معطوفة على أزواجهم و ما مصدرية . وهذا يقتضي تحريم الزنا وما قلناه من الاستنماء ونكاح المتعة ؛ لأن المتمتع بها لا تجري مجرى الزوجات ، لا ترث ولا تورث ، ولا يلحق به ولدها ، ولا يخرج من نكاحها بطلاق يستأنف لها ، وإنما يخرج بانقضاء المدة التي عقدت عليها وصارت كالمستأجرة . ابن العربي : إن قلنا إن نكاح المتعة جائز فهي زوجة إلى أجل ينطلق عليها اسم الزوجية . وإن قلنا بالحق الذي أجمعت عليه الأمة من تحريم نكاح المتعة لما كانت زوجة فلم تدخل في الآية .

قلت : وفائدة هذا الخلاف هل يجب الحد ولا يلحق الولد كالزنى الصريح أو يدفع الحد للشبهة ويلحق الولد ؟ قولان لأصحابنا . وقد كان للمتعة في التحليل والتحريم أحوال ؛ فمن ذلك أنها كانت مباحة ثم حرمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن خيبر ، ثم حللها في غزاة الفتح ؛ ثم حرمها بعد ؛ قاله ابن خويز منداد من أصحابنا وغيره ، وإليه أشار ابن العربي . وقد مضى في ( النساء ) القول فيها مستوفى .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022