ألا لله الدين الخالص أي الذي لا يشوبه شيء . وفي حديث الحسن عن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله إني أتصدق بالشيء وأصنع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفس محمد بيده لا يقبل الله شيئا شورك فيه ، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا لله الدين الخالص وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " و [ النساء ] و [ الكهف ] مستوفى .
الثانية : قال ابن العربي : هذه الآية دليل على وجوب النية في كل عمل ، وأعظمه الوضوء الذي هو شطر الإيمان ، خلافا لأبي حنيفة والوليد بن مسلم عن مالك اللذين يقولان إن الوضوء يكفي من غير نية ، وما كان ليكون من الإيمان شطرا ولا ليخرج الخطايا من بين الأظافر والشعر بغير نية .
قوله تعالى : والذين اتخذوا من دونه أولياء يعني الأصنام ، والخبر محذوف . أي قالوا : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال قتادة : كانوا إذا قيل لهم من ربكم وخالقكم ؟ ومن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء ؟ قالوا : الله ، فيقال لهم : ما معنى عبادتكم الأصنام ؟ قالوا : ليقربونا إلى الله زلفى ، ويشفعوا لنا عنده . قال الكلبي : جواب هذا الكلام في الأحقاف فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة والزلفى القربة ، أي : ليقربونا إليه تقريبا ، فوضع زلفى في موضع المصدر . وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس ومجاهد " والذين اتخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " وفي حرف أبي ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى الله زلفى ) ذكره النحاس . قال : والحكاية في هذا بينة .
إن الله يحكم بينهم أي بين أهل الأديان يوم القيامة فيجازي كلا بما يستحق . إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار أي من سبق له القضاء بالكفر لم يهتد ، أي : للدين الذي ارتضاه وهو دين الإسلام ، كما قال الله تعالى : ورضيت لكم الإسلام دينا وفي هذا رد على القدرية وغيرهم على ما تقدم .