قوله تعالى : ونادى فرعون في قومه قيل : لما رأى تلك الآيات خاف ميل القوم إليه فجمع قومه فقال : فنادى بمعنى قال ، قاله أبو مالك . فيجوز أن يكون عنده عظماء القبط فرفع صوته بذلك فيما بينهم ثم ينشر عنه في جموع القبط ، وكأنه نودي بينهم . وقيل : إنه أمر من ينادي في قومه ، قاله ابن جريج .
قال يا قوم أليس لي ملك مصر أي : لا ينازعني فيه أحد . قيل : إنه ملك منها أربعين فرسخا في مثلها ، حكاه النقاش . وقيل : أراد بالملك هنا الإسكندرية . ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) يعني أنهار النيل ، ومعظمها أربعة : نهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس . وقال قتادة : كانت جنانا وأنهارا تجري من تحت قصوره . وقيل : من تحت سريره . وقيل : ( من تحتي ) أي : تصرفي نافذ فيها من غير صانع . وقيل : كان إذا أمسك عنانه أمسك النيل عن الجري قال القشيري : ويجوز ظهور خوارق العادة على مدعي الربوبية ، إذ لا حاجة في تمييز الإله من غير الإله إلى فعل خارق للعادة . وقيل معنى ( وهذه الأنهار تجري من تحتي ) أي : القواد والرؤساء والجبابرة يسيرون من تحت لوائي ، قاله الضحاك . وقيل : أراد بالأنهار الأموال ، وعبر عنها بالأنهار لكثرتها وظهورها . وقوله : ( تجري من تحتي ) أي : أفرقها على من يتبعني ; لأن الترغيب والقدرة في الأموال دون الأنهار . ( أفلا تبصرون ) عظمتي وقوتي وضعف موسى . وقيل : قدرتي على نفقتكم وعجز موسى . والواو في ( وهذه ) يجوز أن تكون عاطفة للأنهار على ملك مصر ( وتجري ) نصب على الحال منها . ويجوز أن تكون واو الحال ، واسم الإشارة مبتدأ ، و ( الأنهار ) صفة لاسم الإشارة ، ( وتجري ) خبر للمبتدأ . وفتح الياء من ( تحتي ) أهل المدينة والبزي وأبو عمرو ، وأسكن الباقون . وعن الرشيد أنه لما قرأها قال : لأولينها أحسن عبيدي ، فولاها الخصيب ، وكان على وضوئه . وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها فخرج إليها فلما شارفها ووقع عليها بصره قال : أهذه القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال : أليس لي ملك مصر ؟ ! والله لهي عندي أقل من أن أدخلها! فثنى عنانه .