قوله تعالى : يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون .
قوله تعالى : ( يوم ) محمول على ما دل عليه ( منتقمون ) ، أي : ننتقم منهم يوم نبطش . وأبعده بعض النحويين بسبب أن ما بعد ( إن ) لا يفسر ما قبلها . وقيل : إن العامل فيه ( منتقمون ) وهو بعيد أيضا ; لأن ما بعد ( إن ) لا يعمل فيما قبلها . ولا يحسن تعلقه بقوله : ( عائدون ) ولا بقوله : ( إنا كاشفو العذاب ) ، إذ ليس المعنى عليه . ويجوز نصبه بإضمار فعل ، كأنه قال : ذكرهم أو اذكر . ويجوز أن يكون المعنى فإنهم عائدون ، فإذا عدتم أنتقم منكم يوم نبطش البطشة الكبرى . ولهذا وصل هذا بقصة فرعون ، فإنهم وعدوا موسى الإيمان إن كشف عنهم العذاب ، ثم لم يؤمنوا حتى غرقوا . وقيل : ( إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون ) كلام تام . ثم ابتدأ : يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون أي : ننتقم من جميع الكفار . وقيل : المعنى وارتقب الدخان وارتقب يوم نبطش ، فحذف واو العطف ، كما تقول : اتق النار اتق العذاب . و البطشة الكبرى في قول ابن مسعود : يوم بدر . وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد والضحاك . وقيل : عذاب جهنم يوم القيامة ، قال الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا ، واختاره الزجاج . وقيل : دخان يقع في الدنيا ، أو جوع أو قحط يقع قبل يوم القيامة . الماوردي : ويحتمل أنها قيام الساعة ; لأنها خاتمة بطشاته في الدنيا . ويقال : انتقم الله منه ، أي : عاقبه . والاسم منه النقمة والجمع النقمات . وقيل : بالفرق بين النقمة والعقوبة ، فالعقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة . والنقمة قد تكون قبلها ، قاله ابن عباس . وقيل : العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر .