قوله تعالى : قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين
قوله تعالى : قالوا نريد أن نأكل منها نصب بأن . وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين عطف كله بينوا به سبب سؤالهم حين نهوا عنه ، وفي قولهم : نأكل منها وجهان : أحدهما : أنهم أرادوا الأكل منها للحاجة الداعية إليها ; وذلك أن عيسى عليه السلام كان إذا خرج اتبعه خمسة آلاف أو أكثر ، بعضهم كانوا أصحابه ، وبعضهم كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم لمرض كان بهم أو علة ، إذ كانوا زمنى أو عميانا ، وبعضهم كانوا ينظرون ويستهزئون ، فخرج يوما إلى موضع فوقعوا في مفازة ، ولم يكن معهم نفقة فجاعوا وقالوا للحواريين : قولوا لعيسى حتى يدعو بأن تنزل علينا مائدة من السماء ; فجاءه شمعون رأس الحواريين وأخبره أن الناس يطلبون بأن تدعو بأن تنزل عليهم مائدة من السماء ، فقال عيسى لشمعون : " قل لهم اتقوا الله إن كنتم مؤمنين " فأخبر بذلك شمعون القوم فقالوا له : قل له : نريد أن نأكل منها الآية . الثاني : نأكل منها لننال بركتها لا لحاجة دعتهم إليها ، قال الماوردي : وهذا أشبه ; لأنهم لو احتاجوا لم ينهوا عن السؤال وقولهم : وتطمئن قلوبنا يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها : تطمئن إلى أن الله تعالى بعثك إلينا نبيا . الثاني : تطمئن إلى أن الله تعالى قد اختارنا لدعوتنا . الثالث : تطمئن إلى أن الله تعالى قد أجابنا إلى ما سألنا ; ذكرها الماوردي وقال المهدوي : أي : تطمئن بأن الله قد قبل صومنا وعملنا . قال الثعلبي : نستيقن قدرته فتسكن قلوبنا . ونعلم أن قد صدقتنا بأنك رسول الله ونكون عليها من الشاهدين لله بالوحدانية ، ولك بالرسالة والنبوة ، وقيل : ونكون عليها من الشاهدين لك عند من لم يرها إذا رجعنا إليهم .