قوله تعالى : ويقول الذين آمنوا وقرأ أهل المدينة وأهل الشام : " يقول " بغير واو ، وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق : " ويقول " بالواو والنصب عطفا على " أن يأتي " عند أكثر النحويين ، التقدير : فعسى الله أن يأتي بالفتح وأن يقول ، وقيل : هو عطف على المعنى ; لأن معنى عسى الله أن يأتي بالفتح وعسى أن يأتي الله بالفتح ; إذ لا يجوز عسى زيد أن يأتي ويقوم عمرو ; لأنه لا يصح المعنى إذا قلت وعسى زيد أن يقوم عمرو ، ولكن لو قلت : عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو كان جيدا . فإذا قدرت التقديم في أن يأتي إلى جنب عسى حسن ; لأنه يصير التقدير : عسى أن يأتي وعسى أن يقوم ، ويكون من باب قوله :
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
وفيه قول ثالث : وهو أن تعطفه على الفتح ; كما قال الشاعر :
للبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
ويجوز أن يجعل أن يأتي بدلا من اسم الله جل ذكره ; فيصير التقدير : عسى أن يأتي الله ويقول الذين آمنوا ، وقرأ الكوفيون ويقول الذين آمنوا بالرفع على القطع من الأول . ( أهؤلاء ) إشارة إلى المنافقين . ( أقسموا بالله ) حلفوا واجتهدوا في الأيمان ( إنهم لمعكم ) أي : قالوا إنهم ، ويجوز " أنهم " نصب ب أقسموا أي : قال المؤمنون لليهود على جهة التوبيخ : أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم يعينونكم على محمد ، ويحتمل أن يكون من المؤمنين بعضهم لبعض ; أي : هؤلاء الذين كانوا يحلفون أنهم مؤمنون فقد هتك الله اليوم سترهم . حبطت أعمالهم بطلت بنفاقهم . فأصبحوا خاسرين أي : خاسرين الثواب ، وقيل : خسروا في موالاة اليهود فلم تحصل لهم ثمرة بعد قتل اليهود وإجلائهم .