قوله تعالى : قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي لأنه كان يطيعه ، وقيل المعنى : إني لا أملك إلا نفسي ، ثم ابتدأ فقال : وأخي . أي : وأخي أيضا لا يملك إلا نفسه ; فأخي على القول الأول في موضع نصب عطفا على نفسي ، وعلى الثاني في موضع رفع ، وإن شئت عطفت على اسم إن وهي الياء ; أي : إني وأخي لا نملك إلا أنفسنا ، وإن شئت عطفت على المضمر في أملك كأنه قال : لا أملك أنا وأخي إلا أنفسنا . فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين يقال : بأي وجه سأله الفرق بينه وبين هؤلاء القوم ؟ ففيه أجوبة ; الأول : بما يدل على بعدهم عن الحق ، وذهابهم عن الصواب فيما ارتكبوا من العصيان ; ولذلك ألقوا في التيه . الثاني : بطلب التمييز أي : ميزنا عن جماعتهم وجملتهم ولا تلحقنا بهم في العقاب ، وقيل المعنى : فاقض بيننا وبينهم بعصمتك إيانا من العصيان الذي ابتليتهم به ; ومنه قوله تعالى : فيها يفرق كل أمر حكيم أي : يقضى . وقد فعل لما أماتهم في التيه ، وقيل : إنما أراد في الآخرة ، أي اجعلنا في الجنة ولا تجعلنا معهم في النار ; والشاهد على الفرق الذي يدل على المباعدة في الأحوال قول الشاعر :
يا رب فافرق بينه وبيني أشد ما فرقت بين اثنين
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ : " فافرق " بكسر الراء .