تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الأنعام الأية 124


سورة Sura   الأنعام   Al-An'aam
وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)
الصفحة Page 143
وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)

قوله وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون قوله تعالى : وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن بين شيئا آخر من جهلهم ، وهو أنهم قالوا لن نؤمن حتى نكون أنبياء ، فنؤتى مثل ما أوتي موسى وعيسى من الآيات ; ونظيره بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة . والكناية في جاءتهم ترجع إلى الأكابر الذين جرى ذكرهم . قال الوليد بن المغيرة : لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك ; لأني أكبر منك سنا ، وأكثر منك مالا . وقال أبو جهل : والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا ، إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه ; فنزلت الآية . وقيل : لم يطلبوا النبوة ولكن قالوا لا نصدقك حتى يأتينا جبريل والملائكة يخبروننا بصدقك . والأول أصح ; لأن الله تعالى قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته أي بمن هو مأمون عليها وموضع لها . و حيث ليس ظرفا هنا ، بل هو اسم نصب نصب المفعول به على الاتساع ; أي الله أعلم أهل الرسالة . وكان الأصل الله أعلم بمواضع رسالته ، ثم حذف الحرف ، ولا يجوز أن يعمل " أعلم " في " حيث " ويكون ظرفا ، لأن المعنى يكون على ذلك : الله أعلم ، في هذا الموضع ، وذلك لا يجوز أن يوصف به الباري تعالى ، وإنما موضعها نصب بفعل مضمر دل عليه " أعلم " . وهي اسم كما ذكرنا . والصغار : الضيم والذل والهوان ، وكذلك الصغر " بالضم " . والمصدر الصغر " بالتحريك " . وأصله من الصغر دون الكبر ; فكأن الذل يصغر إلى المرء نفسه ، وقيل : أصله من الصغر وهو الرضا بالذل ; يقال منه : صغر يصغر بفتح الغين في الماضي وضمها في المستقبل . وصغر بالكسر يصغر بالفتح لغتان ، صغرا وصغارا ، واسم الفاعل صاغر وصغير . والصاغر : الراضي بالضيم . والمصغوراء الصغار . وأرض مصغرة : نبتها لم يطل ; عن ابن السكيت .

عند الله أي من عند الله ، فحذف . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي سيصيب الذين أجرموا عند الله صغار . الفراء : سيصيب الذين أجرموا صغار من الله . وقيل : المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار ثابت عند الله . قال النحاس : وهذا أحسن الأقوال ; لأن عند في موضعها .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022