قوله تعالى إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون
قوله تعالى إن الذين فرقوا دينهم قرأه حمزة والكسائي ( فارقوا ) بالألف ، وهي قراءة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ; من المفارقة والفراق . على معنى أنهم تركوا دينهم وخرجوا عنه . وكان علي يقول : والله ما فرقوه ولكن فارقوه . وقرأ الباقون بالتشديد ; إلا النخعي فإنه قرأ ( فرقوا ) مخففا ; أي آمنوا ببعض وكفروا ببعض . والمراد اليهود والنصارى في قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك . وقد وصفوا بالتفرق ; قال الله تعالى : وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة . وقال : ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله . وقيل : عنى المشركين ، عبد بعضهم الصنم وبعضهم الملائكة . وقيل : الآية عامة في جميع الكفار . وكل من ابتدع وجاء بما لم يأمر الله عز وجل به فقد فرق دينه . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية إن الذين فرقوا دينهم هم أهل البدع والشبهات ، وأهل الضلالة من هذه الأمة . وروى بقية بن الوليد حدثنا شعبة بن الحجاج حدثنا مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا إنما هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ، يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة وأنا بريء منهم وهم منا برآء . وروى ليث بن أبي سليم عن طاوس عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ( إن الذين فارقوا دينهم ) .
ومعنى شيعا فرقا وأحزابا . وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع .
لست منهم في شيء فأوجب براءته منهم ; وهو كقوله عليه السلام : من غشنا فليس منا أي نحن برآء منه . وقال الشاعر :
إذا حاولت في أسد فجورا فإني لست منك ولست مني
أي أنا أبرأ منك . وموضع في شيء نصب على الحال من المضمر الذي في الخبر ; قاله أبو علي . وقال الفراء هو على حذف مضاف . المعنى : لست من عقابهم في شيء ، وإنما عليك الإنذار .
إنما أمرهم إلى الله تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم .