وقوله- سبحانه- وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ حض له صلى الله عليه وسلم على المضي في دعوته بدون تسويف أو تأجيل.
و «ما» في قوله «وإما نرينك» مزيدة لتأكيد معنى الشرط، والأصل: وإن نرك، والإراءة هنا بصرية، والكاف مفعول أول، وبعض الذي نعدهم: مفعول ثان، وجواب الشرط، محذوف.
والمعنى: وإما نرينك- يا محمد- بعض الذي توعدنا به أعداءك من العذاب الدنيوي، فذاك شفاء لصدرك وصدور أتباعك.
وقوله «أو نتوفينك» شرط آخر لعطفه على الشرط السابق، وجوابه- أيضا- محذوف والتقدير: أو نتوفينك قبل ذلك فلا تهتم، واترك الأمر لنا.
وقوله: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ تعليل لهذا الجواب المحذوف، أى: سواء أرأيت عذابهم أم لم تره، فإنما عليك فقط تبليغ ما أمرناك بتبليغه للناس.
وَعَلَيْنَا وحدنا الْحِسابُ أى: محاسبتهم ومجازاتهم على أعمالهم السيئة.
وقوله- سبحانه-: بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ للإشارة إلى أن ما يصيبهم من عذاب دنيوى هو بعض العذاب المعد لهم، أما البعض الآخر وهو عذاب الآخرة فهو أشد وأبقى.
ولقد صدق الله- تعالى- وعده لنبيه صلى الله عليه وسلم فأراه قبل أن يفارق هذه الدنيا، جانبا من العذاب الذي أنزله بأعدائه، فسلط على مشركي مكة الجدب والقحط الذي جعلهم يأكلون العظام والميتة والجلود.