ويراجع موسى نفسه. فيجد أنه قد خالف ما اتفق عليه مع الرجل الصالح مرتين، فيبادر بإخبار صاحبه أن يترك له فرصة أخيرة فيقول: إِنْ سَأَلْتُكَ أيها الصديق عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها أى: بعد هذه المرة الثانية فَلا تُصاحِبْنِي أى: فلا تجعلني صاحبا أو رفيقا لك، فإنك قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً أى: فإنك قد بلغت الغاية التي تكون معذورا بعدها في فراقي، لأنى أكون قد خالفتك مرارا.
وهذا الكلام من موسى- عليه السلام- يدلك على اعتذاره الشديد للخضر، وعلى شدة ندمه على ما فرط منه، وعلى الاعتراف له بخطئه.
قال القرطبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه فقال يوما: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر على صاحبه لرأى العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي...
ثم تسوق لنا السورة الكريمة الحادث الثالث والأخير في تلك القصة الزاخرة بالمفاجآت والعجائب فنقول: