وقوله: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ تمثيل آخر للمؤمنين الذين استجابوا للحق، وللكافرين الذين أصروا على باطلهم. أو هو تمثيل للعلماء والجهلاء قال الإمام ابن كثير: يقول- تعالى- كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة، كالأعمى والبصير لا يستويان، بل بينهما فرق وبون كثير، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، كذلك لا يستوي الأحياء ولا الأموات. وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين الأحياء، وللكافرين وهم الأموات، كقوله- تعالى-: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ، كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ...
وقال- تعالى-: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ، هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا فالمؤمن سميع بصير في نور يمشى.. والكافر أعمى أصم، في ظلمات يمشى، ولا خروج له منها، حتى يفضى به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم..» .
وقوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ بيان لنفاذ قدرة الله- تعالى-، ومشيئته.
أى: إن الله- تعالى- يسمع من يشاء أن يسمعه، ويجعله مدركا للحق، ومستجيبا له أما أنت- أيها الرسول الكريم- فليس في استطاعتك أن تسمع هؤلاء الكافرين المصرين على كفرهم وباطلهم، والذين هم أشبه ما يكونون بالموتى في فقدان الحس، وفي عدم السماع لما تدعوهم إليه.
فالجملة الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من هؤلاء الجاحدين.